فصل: باب القضاء في المياه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الاستذكار لمذاهب علماء الأمصار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي والآثار ***


باب القضاء في ميراث الولد المستلحق

1416- قال مالك الامر المجتمع عليه عندنا في الرجل يهلك وله بنون فيقول احدهم قد اقر ابي ان فلانا ابنه ان ذلك النسب لا يثبت بشهادة انسان واحد ولا يجوز اقرار الذي اقر الا على نفسه في حصته من مال ابيه يعطى الذي شهد له قدر ما يصيبه من المال الذي بيده قال مالك وتفسير ذلك ان يهلك الرجل ويترك ابنين له ويترك ستمائة دينار فيأخذ كل واحد منهما ثلاثمائة دينارظ ثم يشهد احدهما ان اباه الهالك اقر أن فلانا ابنه فيكون على الذي شهد للذي استلحق مائة دينار وذلك نصف ميراث المستلحق لو لحق ولو اقر له الاخر اخذ المئة الاخرى فاستكمل حقه وثبت نسبه وهو ايضا بمنزلة المراة تقر بالدين على ابيها او على زوجها وينكر ذلك الورثة فعليها ان تدفع إلى الذي اقرت له بالدين قدر الذي يصيبها من ذلك الدين لو ثبت على الورثة كلهم ان كانت امراة ورثت الثمن دفعت إلى الغريم ثمن دينه وان كانت ابنة ورثت النصف دفعت إلى الغريم نصف دينه على حساب هذا يدفع إليه من اقر له من النساء قال مالك وان شهد رجل على مثل ما شهدت به المراة ان لفلان على ابيه دينا احلف صاحب الدين مع شهادة شاهده واعطي الغريم حقه كله وليس هذا بمنزلة المراة لان الرجل تجوز شهادته ويكون على صاحب الدين مع شهادة شاهده ان يحلف ويأخذ حقه كله فان لم يحلف اخذ من ميراث الذي اقر له قدر ما يصيبه من ذلك الدين لانه اقر بحقه وانكر الورثة وجاز عليه اقراره قال ابو عمر اما المقر بأخ مجهول وله اخ معروف يجحد ذلك فقد اختلف الفقهاء بما يلزمه اخيه الذي اقر به فالذي ذهب إليه مالك واصحابه ما ذكره في موطئه أنه يعطيه ثلث ما بيده لا يلزمه اكثر من ذلك لانه لو ثبت انه اخ لم يلزمه اكثر من ذلك فلا يلزمه باقراره اكثر مما كان يلزمه بالبينة انه بن ابيه وبه قال احمد بن حنبل والكوفيون يلزمه ان يعطيه نصف ما بيده لانه قد اقر انه شريك له فيما ترك ابوه فلا يستأثر عليه بشيء قالوا يدخل عليه من ظلم اخيه له كما يدخل على المجحود الذي اقره به‏.‏

وقال الشافعي لا يلزمه من جهة القضاء ان يعطيه شيئا لانه اقر له بشيء لا يستحقه الا من جهة النسب ولا يستحقه الا بإقرار اخيه وحده اذا كان ثم من الورثة من يدفعه فاذا لم يثبت نسبة باقرار اخيه وحده لم يستحق شيئا من الميراث وهذا اصح ما فيه عندنا وان شاء المقر ان يعطيه شيئا اعطاه وقول الليث بن سعد كقول الشافعي واتفقوا ان نسب الاخ المقر به يثبت لو اقر له الابنان جميعا وكذلك اذا اقر به جميع الورثة واختلفوا اذا جحده بعض الورثة واقر بعضهم فالجمهور على انه لا يثبت نسبة الا ان يقر به اثنان فصاعدا وقد روي عن الشافعي خلاف ما تقدم ذكره في الابن الواحد يقر به الاخ اذا لم يكن هناك وارث غيره انه يلحق نسبه والمشهور عنه ما تقدم ذكره واما اقرار الوارث بدين اذا انكر سائر الورثة فالذي عليه مالك واصحابه والمعروف من مذهبهم في الحجاز والعراق ومصر انه لا يلزم المقر من الدين إلا مقدار ما يصيبه في حصته اذا كانت ابنة لا وارث له غيرها فالنصف وان كانت اما فالثلث وان كانت زوجا فالربع او الثمن وان كان اخا لام فالسدس على هذا جماعتهم ان الاقرار بالدين كالاقرار بالولد وكالاقرار بالوصية الا ما ذكره بن حبيب فانه قال اصحاب مالك كلهم يرون هذا القول من مالك وهما لانه لا ميراث لوارث الا بعد قضاء الدين قال ابو عمر بل اصحاب مالك كلهم على ما رواه مالك والمتأخرون منهم ينكرون على بن حبيب قوله هذا وكان ابو عمر احمد بن عبد الملك بن هاشم شيخنا - رحمه الله - ينكر على بن حبيب كل الانكار ينكر ويقول لا اعرف ما حكاه بن حبيب عن احد من اصحاب مالك وقال احمد بن حنبل كما قال مالك لا يلزم المقر بالدين من الورثة الا بمقدار ميراثه وقالت طائفة من الكوفيين وغيرهم يلزم المقر بالدين اداء الدين كله من حصته لانه لا يحل له ان يرث وعلى ابيه دين وجعلوا الجاحد كالغاصب ببعض مال الميت وقد اجمعوا انه يؤدي الدين مما بقي بعد الغصب اذا لم يقدر على الغاصب والسارق وكذلك اجمعوا انه لو كان وارثا واحدا واقر لزمه الدين كله الذي اقر به ولم يرث الا ما فضل عن الدين وروي ذلك عن عبد الملك بن الماجشون قال ابو عمر وجه قول مالك ومن تابعه على ذلك ان اقرار المقرين على انفسهم بمنزلة البينة ثبتت عليهم بما اقروا به ولو شهدت البينة بالدين لم يلزم المشهود عليه الا مقدار حصته من الميراث وكذلك لو اقر بوصية او شهدت بذلك البينة ويدل على صحة قول مالك ايضا انهم قد اجمعوا انه لو شهد رجلان من الورثة على الميت بالدين قبلت شهادتهما وكان على كل وارث بمقدار ميراثه وقال الكوفيون لو كانا غير عدلين لزمهما الدين كله في حصتيهما ولم يلزم سائر الورثة شيء فكيف يقبلون شهادة من اذا ثبتت شهادته كان بها جارا إلى نفسه او دافعا عنها‏.‏

باب القضاء في امهات الاولاد

1417- قال مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله بن عمر عن ابيه ان عمر بن الخطاب قال ما بال رجال يطؤون ولائدهم ثم يعزلوهن لا تأتيني وليدة يعترف سيدها ان قد الم بها الا الحقت به ولدها فاعزلوا بعد او اتركوا‏.‏

1418- مالك عن نافع عن صفية بنت ابي عبيد انها اخبرته ان عمر بن الخطاب قال ما بال رجال يطؤون ولائدهم ثم يدعوهن يخرجن لا تأتيني وليدة يعترف سيدها ان قد الم بها الا قد الحقت به ولدها فأرسلوهن بعد او امسكوهن قال ابو عمر اتفق مالك والشافعي واصحابهما على القول بما روي عن عمر في هذا الباب والعزل عندهم وغير العزل سواء اذا اقر بالوطء الا ان يدعي بعده استبراء واختلف اصحاب الشافعي فمنهم من قال بما وصفنا ومنهم من قال لا ينفعه الاستبراء لان الحامل قد تحيض ومتى جاءت الامة التي اقر سيدها بوطئها بولد لستة اشهر فصاعدا الحق بها لانها فراش له قال ابو عمر فان انكر ان تكون ولدته لم يلحق به الا ان تشهد امراتان عدلان على انها ولدته بعد اقراره بالوطء عند مالك واصحابه واما الشافعي فلا بد من اربع نسوة يشهدن عنده على ذلك فلا يجوز عنده شهادة امراتين الا مع رجل في الديون وما كان مثلها واما الشهادة على الولادة وعلى عيوب النساء فلا تجوز عندهم بالقول من اربعة نسوة وتجوز عند مالك شهادة امراتين في ذلك واما الكوفيون فلا يلحق عندهم ولد الامة الا بدعوى السيد له وسواء اقر بوطئها او لم تقر متى نفاه لم يلحق به عندهم كانت ممن يخرج ويتصرف او لم تكن وسلف الكوفيين في هذه المسالة بن عباس وزيد بن ثابت كما ان سلف اهل الحجاز عمر بن الخطاب روى شعبة عن عمارة بن ابي حفصة عن عكرمة عن بن عباس انه كان ياتي جارية له فحملت فقال ليس مني اني اتيتها اتيانا لا اريد به الولد قال ابو عمر يعني العزل وروى سفيان بن عيينة عن ابي الزناد عن خارجة بن زيد بن ثابت ان اباه كان يعزل عن جارية فارسية فجاءت بحمل فانكره وقال اني لم اكن اريد ولدك وروى شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب قال ولدت جارية لزيد بن ثابت فقال انه ليس مني واني كنت اعزل عنها قال ابو عمر احتج الطحاوي للكوفيين من جهة النظر بما قد نقضه الشافعيون فلم ار لذكره وجها ويجوز عند الكوفيين في الولادة وفي عيوب النساء التي لا يطلع عليها الرجال امراة واحدة ولكل واحد من هؤلاء الفقهاء الثلاثة سلف قالوا بقولهم وعدد الشهود في الشهادات اصول في انفسها لا مدخل للنظر والقياس فيها قال مالك الامر عندنا في ام الولد اذا جنت جناية ضمن سيدها ما بينها وبين قيمتها وليس له ان يسلمها وليس عليه ان يحمل من جنايتها اكثر من قيمتها قال ابو عمر اختلف الفقهاء في جناية ام الولد فمذهب مالك واصحابه ما ذكره في الموطأ قالوا لا سبيل إلى إسلام ام الولد بجنايتها وعلى السيد الاقل من ارش الجناية او قيمة رقبتها ان جنت بعد ذلك كان عليه اخراج قيمتها مرة ثانية وكذلك ثالثة ورابعة واكثر وهو قول زفر وقول الشافعي المشهور في ام الولد انها لا تسلم بجنايتها وعلى سيدها ان يفديها بالاقل من قيمتها او ارش الجناية فان عادت فجنت فله فيها قولان ‏(‏احدهما‏)‏ كقول مالك ‏(‏ والاخر‏)‏ ان يكون المجني عليه شريكا للاول فيما اخذ من قيمتها اذا كان الاول قد استوفى قيمتها كلها وان لم يكن استوفاها غرم السيد بقيمة قيمتها ورجع المجني عليه الثاني على الاول فشاركه بباقي ارش جنايته وكذلك كل ما جنت ايضا وقول ابي حنيفة في ام الولد انه لا يسلمها سيدها ابدا لجنايتها وعليه ان يفتديها بالاقل من ارش الجناية او قيمة رقبتها فان جنت بعد ذلك فالمجني عليه شريك الاول وقال الليث بن سعد في جناية ام الولد يخير مولاها بين ان يؤدي عنها جنايتها وبين رقبتها فان شاء ان يخليها سعى في قيمتها ليس على المولى وروى بشر بن الوليد عن ابي يوسف قال سالت ربيعة بن ابي عبد الرحمن عن ام ولد قتلت رجلا فقال لمولاه اد دية قتيلها فان فعل ذلك والا اعتقها عليه وجعل دية قتيلها على عاقلتها قال ابو عمر وهذا كله على قول من لا يرى بيع امهات الاولاد ولا يقول بعتقهن‏.‏

باب القضاء في عمارة الموات

1419- مالك عن هشام بن عروة عن ابيه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏(‏من احيا ارضا ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق‏)‏‏.‏

1420- قال مالك والعرق الظالم كل ما احتفر او اخذ او غرس بغير حق مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله عن ابيه ان عمر بن الخطاب قال من احيا ارضا ميتة فهي له قال مالك وعلى ذلك الامر عندنا قال ابو عمر لم يختلف على مالك في ارسال هذا الحديث عن هشام عن ابيه وقد اختلف فيه على هشام فروته طائفة كما رواه مالك مرسلا وهو اصح ما فيه ان شاء الله عز وجل وروته طائفة عن هشام عن وهب بن كيسان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه اخرون عن هشام عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع عن جابر ومنهم من يقول فيه عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع اضطربوا فيه على هشام كثيرا وقد ذكرنا الاسانيد بذلك في ‏(‏ التمهيد‏)‏ واتينا باختلاف الفاظ الناقلين له ذلك والحمد لله كثيرا وذكر عبد الرزاق عن معمر عن هشام بن عروة قال خاصم رجل إلى عمر بن عبد العزيز في ارض حازها فقال عمر من احيا من ميت الارض شيئا فهو له فقال له عروة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏من احيا شيئا من ميت الارض فهو له وليس لعرق ظالم حق‏)‏ قال عروة والعرق الظالم ان ينطلق الرجل إلى ارض غيره فيغرسها اخبرنا عبد الله بن محمد قال حدثني محمد بن بكر قال حدثني ابو داود قال حدثني هناد بن السري قال حدثني عبده عن محمد بن إسحاق عن يحيى بن عروة بن الزبير عن ابيه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏(‏من احيا ارضا ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق‏)‏ قال عروة ولقد حدثني الذي حدثني هذا الحديث ان رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم غرس احدهما نخلا في ارض الاخر فقضى لصاحب الارض بأرضه وامر صاحب النخل ان يخرج نخلة منها قال فلقد رايتها وانها لتضرب اصولها بالفؤوس وانها لنخل عم حتى اخرجت منها‏.‏

وحدثني عبد الله بن محمد قال حدثني محمد بن بكر قال حدثني ابو داود قال حدثني احمد بن عبدة الاملي قال حدثني عبد الله بن عثمان قال حدثني بن المبارك اخبرنا نافع بن عمر الجمحي عن بن ابي مليكة عن عروة قال ‏(‏اشهد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى ان الارض ارض الله والعباد عباد الله ومن احيا مواتا فهو احق به‏)‏ جاءنا بهذا عن النبي صلى الله عليه وسلم - الذين جاؤوا بالصلوات عنه قال ابو عمر رواية يحيى بن عروة عن عروة ورواية بن ابي مليكة عن عروة يقضيان على ان من روى هذا الحديث مرسلا كما رواه مالك اصح من رواية من اسنده والله اعلم ويشهد ذلك اختلاف الذين اسندوه في اسناده وقد رواه عمرو بن عوف المزني عن النبي صلى الله عليه وسلم الا من حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن ابيه عن جده وكثير متروك الحديث والحديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد تلقاه العلماء بالقبول ولم يختلفوا ان معنى قوله صلى الله عليه وسلم ‏(‏ليس لعرق ظالم حق‏)‏ انه الغرس في ارض غيرك على هذا خرج اللفظ المقصود به إلى هذا المعنى وكل ما كان مثله فله حكمه وكذلك فسره عروة وهشام ومالك وقال بن وهب اخبرني مالك قال هشام ‏(‏العرق الظالم ان يغرس الرجل في ارض غيره ليستحقها بذلك‏)‏ قال مالك والعرق الظالم كل ما اخذ واحتكر واغترس في غير حق واما قوله ‏(‏من احيا ارضا ميتة‏)‏ فالميتة البور الشامخ من الشعواء وما كان مثلها واحياؤها ان يعمل حتى تعود ارضا بيضاء تصلح ان تكون مزروعة بعد حالها الاول فان غرسها بعد ذلك او زرعها فهو ابلغ في احيائها وهو ما لا خلاف فيه فاختلف في التحجير عليها بالحيطان هل يكون ذلك احياء لها ام لا قال بن القاسم لا يعرف مالك التحجير احياء ولا ما روي ‏(‏من حجر ارضا وتركها ثلاث سنين فان احياها والا فهي لمن احياها‏)‏ لا يعرف مالك ذلك وانما الاحياء عنده في ميت الارض شق الانهار وحفر الابار والعيون وغرس الشجر والحرث وقال اشهب لو نزل قوم من ارض البرية فجعلوا ويزرعون ما حولها فذلك احياء لها وهم احق بها من غيرهم ما اقاموا عليها قال ابو عمر هذا كله انما هو في الموات الذي لا يعرف له مالك باكتساب او ميراث واما ما عرف له مالك باكتساب او ميراث فليس من الموات الذي يعرف يكون لمن احياه وقد قال من احيا ارضا ثم تركها حتى دثرت وطال زمانها وهلكت الاشجار وتهدمت الابار وعادت كاول مرة ثم احياها غيره فهي لمحييها الثاني بخلاف ما يملكه بخطه او شراء‏.‏

وقال الشافعي بلاد المسلمين شيئان عامر وموات فالعامر لاهله وكذلك كل ما يصلح به العامر من قناء وطريق وسبل ماء وغيره فهو كالعامر في ان لا يملك على اهله الا باذنهم قال والموات شيئان موات قد كان عامرا لاهله معروفا في الاسلام ثم ذهبت عنه عمارته فصار مواتا فذلك كالعامر هو لاهله ابدا لا يملك عليهم الا باذنهم والموات الثاني ما لم يملكه احد في الاسلام ولا عمر في الجاهلية عمارة ورثته في الاسلام فذلك الموات الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏من احيا ارضا ميتة فهي له ومن احيا مواتا فهو له‏)‏ قال الشافعي والاحياء ما عرفه الناس احياء لمثل المحيا ان كان مسكنا فانه يبني بناء مثله او ما يقرب منه قال واقل عمارة الارض الزرع فيها وحفر البئر ونحو ذلك قال ومن اقتطع ارضا وجحدها ولم يعمرها رايت للسلطان ان يقول له ان أحييتها والا خلينا بينها وبين من يحييها فان تاجله رايت ان يفعل قال فاذا احيا الارض بما تحيى به ملكها ملكا صحيحا لم تخرج عنه ابدا ولا عن ورثته بعده الا بما تخرج به الاملاك عن اربابها واما ابو حنيفة فمذهبه ان كل الارض يملكها مسلم او ذمي لا يزول ملكها عنها بخرابها وكل ما قرب من العمران فليس بموات وما بعد منه فلم يملك قبل ذلك فهو موات وهذا كله قول ابي حنيفة وابي يوسف ومحمد وذكر اصحاب ‏(‏الاملاء‏)‏ عن ابي يوسف ان الموات هو الذي اذا وقف رجل على ادناه من العامر فنادى باعلى صوته لم يسمعه من في اقرب العامر إليه واختلفوا هل يحتاج في احياء الموات إلى اذن الامام ام لا يصح الاحياء للموات الا باقطاع من الامام فقال مالك اما ما كان قريبا من العمران فلا يحاز ولا يعمر الا باذن الامام واما ما كان في الارض فلك ان تحييه بغير اذن الامام وقال ابو حنيفة ليس لاحد ان يحيي مواتا من الارض الا باذن الامام ولا يملك منه شيئا الا بتمليك الامام له اياه قال ابو عمر التمليك من الامام هو اقطاعه لمن اقطعه اياه وقال ابو يوسف ومحمد والشافعي من احيا مواتا من الارض فقد ملكه اذن الامام في ذلك ام لم ياذن قال الشافعي وعطية رسول الله صلى الله عليه وسلم عامة لكل من احيا مواتا اثبت من عطية من بعده من سلطان او غيره وهو قول احمد واسحاق وابي ثور وداود وقولهم في هذا الباب كله نحو قول الشافعي وقال ابو حنيفة واصحابه من ملكه الامام مواتا فاحياه واخرجه من الموات إلى العمران فيما بينه وبين ثلاث سنين ثم ملكه فيه وان تركه ولم يعمره حتى مضت ثلاث سنين بطل اقطاع الامام اياه ذلك وعاد إلى ما كان عليه قبل اقطاع الامام ذلك قال ابو عمر ليس عند مالك والشافعي واصحابهما ومن ذكرنا معهما في ذلك حد وانما هو اجتهاد الامام يؤجله على حسب ما يراه فان عمره والا يقطعه غيره ممن يعمره قال ابو عمر ذهبت طائفة من التابعين ومن بعدهم إلى ان من حجر على موات فقد ملكه واحتجوا بما رواه شعبة وغيره عن قتادة عن الحسن عن سمرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏(‏من احاط حائطا على ارض فهو له‏)‏ وروى عبد الرزاق عن معمر عن بن عيينة عن بن شهاب عن سالم عن بن عمر قال كان الناس يتحجرون على عهد عمر في الارض التي ليست لاحد فقال عمر من احيا ارضا فهي له وهذا - والله اعلم - على ان التحجير غير الاحياء على ما قاله اكثر العلماء وروى بن عيينة عن بن ابي نجيح عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده ان النبي صلى الله عليه وسلم اقطع ناسا من جهينة او مزينة ارضا فعطلوها فجاء قوم فعمروها فخاصمهم اصحاب الارض إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال عمر لو كانت قطيعة من ابي بكر او مني لم اردها اليكم ولكنها قطيعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نستطيع الا ان اردها فردها اليهم ثم قال عمر من اقطع ارضا فعطلها صاحبها ثلاث سنين ثم احياها غيره فهو احق بها‏.‏

باب القضاء في المياه

1421- مالك عن عبد الله بن ابي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم انه بلغه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في سيل مهزور ومذينب ‏(‏يمسك حتى الكعبين ثم يرسل الاعلى على الاسفل‏)‏ لم يختلف في ارسال هذا الحديث في ‏(‏الموطا‏)‏ وقد روي مسندا من رواية اهل المدينة اخبرنا عبد الله بن محمد قال حدثني محمد بن بكر قال حدثني ابو داود قال حدثني محمد بن العلاء قال حدثني ابو اسامة عن الوليد بن كثير عن ابي مالك بن ثعلبة عن ابيه ثعلبة بن ابي مالك انه سمع كبراءهم يذكرون ان رجلا من قريش كان له سهم في بني قريظة فخاصم إلى النبي صلى الله عليه وسلم في مهزور يعني السيل الذي يقتسمون ماءه فقضى بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الماء إلى الكعبين لا يحبس الاعلى عن الاسفل‏.‏

وحدثني خلف بن القاسم قال حدثني بكر بن عبد الرحمن العطار بمصر قال حدثني احمد بن سليمان بن صالح بن صفوان قال حدثني ابو صالح الحراني عبد الغفار بن داود قال حدثني محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن ابي مالك بن ثعلبة عن ابيه ان النبي صلى الله عليه وسلم اتاه اهل مهزور فقضى ان الماء اذا بلغ الكعبين لم يحبس الاعلى واخبرنا عبد الله بن محمد قال حدثني محمد بن بكر قال حدثني ابو داود قال حدثني احمد بن عبدة قال حدثني المغيرة بن عبد الرحمن قال اخبرني ابي - عبد الرحمن بن الحارث عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في سيل مهزور ان يمسك حتى يبلغ الكعبين ثم يرسل الاعلى على الاسفل قال ابو عمر ليس في شيء من هذه الاحاديث المسندة ذكر مذينب ومهزور واديان بالمدينة معروفان يستويان يسيلان بالمطر ويتنافس اهل المدينة في سيلهما فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في سيلهما انه للاعلى فاعلى والاقرب إلى السيل فالاقرب يمسك الاعلى جميع الماء حتى يبلغ الكعبين ثم يرسله إلى من تحته ممن يليه وذكر عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال نظرنا في قول النبي صلى الله عليه وسلم ‏(‏ احبس الماء حتى يبلغ الجدر‏)‏ فكان إلى الكعبين قال ابو عمر قوله حتى يبلغ الجدر كلام ورد في حديث الزهري عن عروة بن الزبير عن عبد الله بن الزبير في خصومة مع الانصار في شراج الحرة وقد ذكرناه باسناده في ‏(‏ التمهيد‏)‏ من رواية بن وهب عن الليث ويونس عن بن شهاب الزهري واختلف اصحاب مالك فيما يرسل الاعلى من الماء على الاسفل بعد بلوغ الماء إلى الكعبين فذكر بن حبيب عن مطرف وبن الماجشون انه يصرف الاعلى من الماء ما زاد على مقدار الكعبين إلى من يليه والذي يليه كذلك ايضا هكذا ابدا ما بقي شيء من الماء قال وقاله بن وهب قال وقال بن القاسم بل يرسل الماء كله اذا بلغ الكعبين إلى جاره الذي تحته ولا يحبس منه شيئا وكذلك يصنع الذي تحته بالذي يليه ايضا اذا بلغ الماء في ارضه إلى الكعبين ارسل الماء كله إلى من تحته وروى زياد عن مالك قال تفسير ذلك ان يجد في الأول الذي حائطه اقرب إلى الماء يجري الماء في ساقيته إلى حائطه بقدر ما يكون الماء في الساقية إلى حد كعبيه فيجزئه كذلك في حائطه حتى يرويه ثم يفعل الذي يليه كذلك ثم الذي يليه كذلك ما بقي من الماء شيء قال وهذه السنة فيهما وفيما يشبههما مما ليس لأحد فيها حق معين الأول احق بالتبدئة ثم الذي يليه إلى اخرهم رجلا ‏(‏‏)‏‏.‏

باب القضاء في المرفق

1424- مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن ابيه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏(‏لا ضرر ولا ضرار‏)‏ هكذا هذا الحديث في ‏(‏الموطا‏)‏ عند جميع الرواة مرسلا وقد رواه الدراوردي عن عمرو بن يحيى عن ابيه عن ابي سعيد الخدري مسندا حدثني عبد الله بن محمد بن يوسف قال حدثني احمد بن محمد بن إسماعيل بن الفرج قال حدثني ابو علي الحسن بن سليمان - قبيطة - قال حدثني عبد الملك بن معاذ النصيبي قال حدثني عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عمرو بن يحيى بن عمارة عن ابيه عن ابي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏لا ضرر ولا ضرار من اضر أضر الله به ومن شاق شاق الله عليه قال ابو عمر قوله ‏(‏لا ضرر ولا ضرار‏)‏ قيل فيه اقوال احدها انهما لفظتان بمعنى واحد فتكلم بهما جميعا على معنى التاكيد وقيل بل هما بمعنى القتل والقتال كانه قال لا يضر احد احدا ابتداء ولا يضره ان ضره وليصبر وهي مفاعلة وان انتصر فلا يعتدي ونحو هذا كما قال ‏(‏ ولا تخن من خانك‏)‏ يريد باكثر من انتصارك منه بالسوار او لمن صبر وغفر ان ذلك لمن عزم الامور وقال بن حبيب الضرر عند اهل العربية الاسم والضرار الفعل قال والمعنى لا يدخل على احد ضررا لم يدخله على نفسه ومعنى لا ضرار لا يضار احد باحد هذا ما حكى بن حبيب وقال الخشني الضرر الذي لك فيه منفعة وعلى جارك فيه مضرة والضرار ما ليس لك فيه منفعة وعلى جارك فيه مضرة وهذا وجه حسن في الحديث والله اعلم وهو لفظ عام متصرف في اكثر امور الدنيا ولا يكاد ان يحاط بوصفه الا ان الفقهاء ينزعون به في اشياء مختلفة ياتي ذكرها في ابوابها - ان شاء الله عز وجل وقد ذكرنا منها طرفا دالا على ما سواه في ‏(‏التمهيد‏)‏ حدثني خلف بن قاسم قال حدثني احمد بن صالح المقرئ -‏.‏

وحدثني احمد بن فتح قال حدثني عبد الله بن احمد بن حامد بن ثرثال - قالا حدثنا ابو علي الحسن بن الطيب الكوفي - وقال احمد بن فتح الشجاعي البلخي - قال حدثني سعيد بن ابي الربيع السمان قال حدثني عنبسة بن سعيد قال حدثني فرقد السبخي عن مرة الطيب عن ابي بكر الصديق - رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏ملعون من ضار اخاه المسلم او ما كره‏)‏ اخبرنا خلف بن سعيد قال حدثني عبد الله بن محمد قال حدثني احمد بن خالد قال حدثني إسحاق بن ابراهيم قال حدثني عبد الرزاق عن معمر عن جابر الجعفي عن عكرمة عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏لا ضرر ولا ضرار وللرجل ان يغرز خشبة في حائط جاره‏.‏

1425- مالك عن بن شهاب عن الاعرج عن ابي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏(‏لا يمنع احدكم جاره خشبة يغرزها في جداره‏)‏ ثم يقول ابو هريرة مالي اراكم عنها معرضين والله لأرمين بها بين أكتافكم يحيى هكذا هذا الحديث بهذا الاسناد في ‏(‏الموطا‏)‏ وقد روي فيه عن مالك اسناد اخر عن ابي الزناد عن الاعرج عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم والاسناد الاول هو المحفوظ على انه قد اختلف فيه عن بن شهاب وقد ذكرنا ذلك في ‏(‏التمهيد‏)‏ وقال جماعة من اصحاب بن شهاب فيه اذا استاذن احدكم جاره ان يغرز خشبة في جداره فلا يمنعه وبعضهم يقول فيه من ساله جاره واذا سال احدكم جاره والمعنى كله سواء قال يونس بن عبد الاعلى سالت بن وهب عن خشبة او خشبة فقال سمعته من جماعة خشبة يعني على لفظ الواحد واختلف الفقهاء في معنى هذا الحديث فقال منهم قائلون معناه الندب إلى بر الجار والتجاوز له والاحسان إليه وليس ذلك على الوجوب وممن قال ذلك مالك وابو حنيفة واصحابهما ومن حجتهم قوله صلى الله عليه وسلم ‏(‏لا يحل مال امرئ مسلم الا عن طيب نفس منه‏)‏ وذكر بن عبد الحكم عن مالك قال ليس يقضى على رجل ان يغرز خشبة في جداره لجاره وانما نرى ان ذلك كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم على الوصاية بالجار قال ومن اعار صاحبه خشبة يغرزها في جداره ثم اغضبه فاراد ان ينزعها فليس له ذلك واما ان احتاج إلى ذلك بامر نزل به فذلك له قال وان اراد ان يبيع داره فقال انزع خشبك فليس ذلك له قال ابو حنيفة واصحابه معنى الحديث المذكور الاختيار والندب في اسعاف الجار وبره - اذا ساله ذلك - وهو مثل معنى قوله صلى الله عليه وسلم ‏(‏اذا استاذنت احدكم امراته إلى المسجد فلا يمنعها‏)‏ وهذا معناه عند الجميع الندب على حسب ما يراه الزوج من الصلاح والخير في ذلك وقال بن القاسم سئل مالك عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم ‏(‏لا يمنعن احدكم جاره ان يغرز خشبة في جداره‏)‏ قال مالك ما ارى ان يقضي به وما اراه الا من وجه المعروف من النبي صلى الله عليه وسلم قال بن القاسم وسئل مالك عن رجل كان له حائط فاراد جاره ان يبني عليه سترة يستتر بها منه قال لا ارى ذلك له إلا بإذن صاحبه وقال اخرون ذلك على الوجوب اذا لم تكن في ذلك مضرة بينة على صاحب الجدار وممن قال بهذا الشافعي واصحابه واحمد وإسحاق وابو ثور وداود بن علي وجماعة اهل الحديث لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يمنع الجار جاره من ذلك الا ترى ان هريرة راى الحجة فيما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما ارى من ذلك وقال والله لارمين بها بين اكتافكم وهذا بين في حمله ذلك على الوجوب عليهم ولو كرهوا ولولا انه فهم فيما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم معنى الوجوب ما كان ليوجب عليهم غير واجب وهو مذهب عمر بن الخطاب قضى به على محمد بن مسلمة للضحاك بن خليفة وقضى بمثل ذلك لعبد الرحمن بن عوف على جد يحيى بن عمارة الأنصاري والقضاء بالمرفق خارج بالسنة عن معنى قوله ‏(‏لا يحل مال امرئ مسلم الا عن طيب نفس منه‏)‏ لان هذا معناه التمليك والاستهلاك وليس المرفق من ذلك لان النبي صلى الله عليه وسلم قد فرق في الحكم بينهما فغير واجب ان يجمع ما فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكى مالك انه كان بالمدينة قاض يقضي به يسمى ‏(‏المطلب‏)‏ وروى بن نافع انه سئل عن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏لا يمنع احدكم جاره ان يغرز خشبة في جداره‏)‏ هل ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجه الوصاية بالجار ام يقضي به القضاة فقال ارى ذلك امرا دل الناس عليه وامروا به في حق الجار قيل افترى ان يقضي به القضاة قال قد كان المطلب يقضي به عندنا وما اراه الا دليلا على المعروف واني منه لفي شك حدثني عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا الخشني قال حدثنا بن ابي عمر قال حدثنا سفيان بن عيينة قال سمعت الزهري يقول اخبرنا عبد الرحمن بن هرمز الاعرج عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏اذا استأذن احدكم جاره ان يغرز خشبة في جداره فلا يمنعه‏)‏ فلما حدثهم ابو هريرة نكسوا رؤوسهم وطأطأوها فقال مالي اراكم عنها معرضين والله لأرمين بها بين اكتافكم وقال الربيع في البويطي عن الشافعي ليس للجار ان يمنع جاره ان يغرز خشبة في جداره لحديث ابي هريرة في ذلك وروى الشافعي وغيره عن بن عيينة عن عمرو بن دينار قال كنت بالمدينة فأراد رجل ان يغرز خشبة في جدار جاره فمنعه فخاصمه وجاء بالبينة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى له عليه‏.‏

1426- مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن ابيه ان الضحاك بن خليفة ساق خليجا له من العريض فاراد ان يمر به في ارض محمد بن مسلمة فابى محمد فقال له الضحاك لم تمنعني وهو لك منفعة تشرب به اولا واخرا ولا يضرك فابى محمد فكلم فيه الضحاك عمر بن الخطاب فدعا عمر بن الخطاب محمد بن مسلمة فامره ان يخلي سبيله فقال محمد لا فقال عمر لم تمنع اخاك ما ينفعه وهو لك نافع تسقي به اولا واخرا وهو لا يضرك فقال محمد لا والله فقال عمر والله ليمرن به ولو على بطنك فامره عمر ان يمر به ففعل الضحاك وروى بن عيينة هذا الخبر عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان ان رجلا اراد ان يجري ماء إلى حائطه على حائط محمد بن مسلمة فابى محمد بن مسلمة فكلم الرجل عمر بن الخطاب فقال عمر لمحمد بن مسلمة لم تنعه اعليك فيه ضرر قال لا ولا اريد ان يجريه في حائطي قال اليس لك فيه منفعة او لم يكن الا على بطنك لاجراه‏.‏

1427- مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن ابيه انه قال كان في حائط جده ربيع لعبد الرحمن بن عوف فاراد عبد الرحمن بن عوف ان يحوله إلى ناحية من الحائط هي اقرب إلى ارضه فمنعه صاحب الحائط فكلم عبد الرحمن بن عوف عمر بن الخطاب في ذلك فقضى لعبد الرحمن بن عوف بتحويله قال ابو عمر اكثر اهل الاثر يقولون في هذا بما روي عن عمر رضي الله عنه ويقولون ليس للجار ان يمنع جاره مما لا يضره وزعم الشافعي في كتاب الرد ان مالكا لم يرو عن احد من الصحابة خلاف عمر في هذا الباب وانكر على مالك انه رواه وادخله في كتابه ولم ياخذ به ولا بشيء مما في هذا الباب باب القضاء في المرفق في الموطا بل رد ذلك كله برايه قال ابو عمر ليس كما زعم الشافعي لان محمد بن مسلمة رد ذلك كله برايه في ذلك خلاف راي عمر وراي الانصاري ايضا كان خلافا لراي عمر وكذا عبد الرحمن بن عوف في قصة الربيع وتحويل الربيع الساقية واذا اختلف الصحابة وجب الرجوع إلى النظر والنظر يدل على ان دماء المسلمين واموالهم واعراضهم من بعضهم على بعض حرام الا ما تطيب به النفس من المال خاصة فهذا هو الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ويدل على الخلاف ايضا في ذلك قول ابي هريرة ‏(‏مالي اراكم عنها معرضين والله لارمين بها ونحو هذا‏)‏ وروى اسد بن موسى قال حدثني قيس بن الربيع عن منصور بن دينار عن ابي عكرمة المخزومي عن ابي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏(‏لا يحل لامرىء مسلم ان يمنع جاره خشبات يضعها على جداره‏)‏ ثم يقول ابو هريرة والله لاضربن بها بين اعينكم وان كرهتم وبهذا الحديث وما كان مثله احتج من راى القضاء بالمرفق وان لا يمنع الجار جاره وضع خشب في جداره ولا كل شيء يضره وقد ذكرنا في ‏(‏ التمهيد‏)‏ في ذلك اثارا مسندة وذكرنا حديث الاعمش عن انس قال استشهد منا غلام يوم احد فجعلت امه تمسح التراب عن وجهه وتقول ابشر هنيئا لك الجنة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم ‏(‏وما يدريك لعله كان يتكلم فيما لا يعنيه ويمنع ما لا يضره ‏(‏1‏)‏ والاعمش لا يصح له سماع من انس والله اعلم ولم يختلفوا في انه لا يحتج من حديثه بما لم يذكره عن الثقات وبسنده لان كان يدلس عن الضعفاء واما ابو حنيفة واصحابه فلا يرون ان يقضى بشيء مما ذكرنا في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم في نهي الجار ان يمنع جاره من غرز الخشبة في جداره وعن عمر في قصة الخليج في ارض محمد بن مسلمة ولا ما كان مثل ذلك كله بقوله صلى الله عليه وسلم ‏(‏ان دماءكم واموالكم عليكم حرام‏)‏ أي من بعضكم على بعض لقوله صلى الله عليه وسلم ‏(‏لا يحل مال امرئ مسلم الا عن طيب نفس منه‏)‏ وهذا هو المشهور من مذهب مالك المعمول به فروى اصبغ عن بن القاسم قال لا يؤخذ بما قضى به عمر بن الخطاب على محمد بن مسلمة في الخليج ولا ينبغي ان يكون احق بمال اخيه منه الا برضاه قال واما ما حكم به لعبد الرحمن بن عوف من تحويل الربيع من موضعه إلى ناحية اخرى من الحائط فانه يؤخذ به ويعمل بمثله لان مجرى ذلك الربيع كان لعبد الرحمن ثابتا في الحائط وانما اراد تحويله إلى ناحية اخرى من الحائط وانما هي اقرب عليه وانفع وارفق لصاحب الحائط وكذلك حكم عليه عمر بتحويله واما عبد الملك بن حبيب فانه اضطرب في هذا الباب ولم يثبت فيه على مذهب مالك ولا مذهب العراقيين ولا مذهب الشافعي وتناقض في ذلك فقال في قوله صلى الله عليه وسلم ‏(‏لا يمنعن احدكم جاره ان يضع خشبة في جداره‏)‏ ارى انه لازم للحاكم ان يحكم به على من اباه وان يجبره عليه بالقضاء لانه حق قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولانه من الضرر ان يدفع جاره ان يغرز خشبة على جداره فيمنعه بذلك المنفعة وصاحب الجدار لا ضرر عليه فيه وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏لا ضرر ولا ضرار‏)‏ وقال عمر لم تمنع اخاك ما لا يضرك وقد قال مالك للجار اذا تهورت بئره ان يسقي نخيله وزرعه من بئره وهذا ابعد من غرز الخشبة في جدار الجار اذا لم يكن يضر بالجدار فان خيف عليه ان يوهن الجدار ويضر به لم يجبر صاحب الجدار على ذلك وقيل لصاحب الخشب احتل لخشبك قال ومثله حديث ربيع عبد الرحمن بن عوف في حائط المازني قال فهذا ايضا يجبر عليه بالقضاء من اجل ان مجرى ذلك الربيع كان ثابتا في الحائط لعبد الرحمن قد استحقه فاراد تحويله إلى ناحية اخرى هي اقرب عليه وارفق لصاحب الحائط قال واما الحديث الثالث في قصة الضحاك بن خليفة مع محمد بن مسلمة فلم اجد احدا من اصحاب مالك وغيره يرى ان يكون ذلك لازما في الحكم لاحد على احد وانما كان ذلك تشديدا على محمد بن مسلمة ولا ينبغي لاحد ان يكون غيره احق بماله منه الا برضاه قال ابو عمر مثل هذا يلزم في قصة ربيع عبد الرحمن بن عوف في حائط الانصاري المازني لان الذي استحق منه مجرى ربيع في ذلك الموضع بعينه وما عدا ذلك الموضع فملك الانصاري لا يحل الا عن طيب نفس منه كما لو اكترى رجل من رجل دارا او حانوتا بعينه ثم اراد ان ينقله عنه إلى غيره لم يجز له عندهم ذلك الا برضا المكتري ولا يجوز الا ان يكون الباب في ذلك بابا واحدا ويكون القضاء بالمرفق خارجا عن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم ‏(‏لا يحل مال امرئ مسلم الا عن طيب نفس منه‏)‏ بدليل حديث ابي هريرة في غرز الخشب على الجدار وقضاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه بانه لا يجوز للجار ان يمنع جاره ما لا يضره فيكون حينئذ معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم ‏(‏ لا يحل مال امرئ مسلم الا عن طيب نفس منه‏)‏ خرج على الاعيان والرقاب واستهلاكها اذا اخذت بغير اذن صاحبها لا على المرافق والاثار التي لا تستحق بها رقبة ولا عين شيء وانما تستحق بها منفعة وبالله التوفيق‏.‏

باب القضاء في قسم الاموال

1428- مالك عن ثور بن زيد الديلي انه قال ‏(‏بلغني ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏(‏ايما دار او ارض قسمت في الجاهلية فهي على قسم الجاهلية وايما دار او ارض ادركها الاسلام ولم تقسم فهي على قسم الاسلام‏)‏ قال ابو عمر هكذا هذا الحديث في ‏(‏الموطا‏)‏ عند جميع الرواة لم يختلفوا في انه بلاغ عن ثور بن زيد ورواه ابراهيم بن طهمان عن مالك عن ثور بن زيد عن عكرمة عن بن عباس وابراهيم بن طهمان ثقة والحديث معروف لابن عباس قد ذكرناه من طرق في ‏(‏التمهيد‏)‏ منها ما حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثني قاسم بن أصبغ قال حدثني ابراهيم بن عبد الرحيم قال حدثني موسى بن داود قال حدثني محمد بن مسلم الطائفي عن عمرو بن دينار عن ابي الشعثاء عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏كل قسم قسم في الجاهلية فهو على ما قسم وكل قسم ادركه الاسلام ولم يقسم فهو على قسمة الاسلام‏)‏ واختلفت الرواية عن مالك من معنى هذا الحديث في الفرق بين من لا كتاب له من الكفار وبين اهل الكتاب فروى سحنون وابو ثابت عن بن القاسم قال سالت مالكا عن الحديث الذي جاء ‏(‏ايما دار قسمت في الجاهلية فهي على قسمة الجاهلية وايما دار ادركها الاسلام ولم تقسم فهي على قسم الاسلام فقال مالك الحديث لغير اهل الكتاب فاما اليهود والنصارى فهم على مواريثهم لا ينقل الاسلام مواريثهم التي كانوا عليها قال إسماعيل بن إسحاق قول مالك هذا على ان النصارى واليهود لهم مواريث قد تراضوا عليها وان كانت ظلما فاذا اسلموا على ميراث قد مضى فهم كما لو اصطلحوا عليه ثم يكون ما يحدث من مواريثهم بعد الاسلام قال ابو عمر روى بن نافع واشهب وعبد الملك بن عبد العزيز بن الماجشون ومطرف عن مالك ان ذلك في الكفر كلهم المجوس ومشركي العرب واهل الكتاب وجميع اهل الملل ذكره بن حبيب عنهم وكذلك روى اصبغ عن بن القاسم انه اجابه في معنى هذا الحديث بذلك على ما ذكرناه عنه في ‏(‏التمهيد‏)‏ وهذا اولى لما فيه من استعمال الحديث على عمومه وظاهره ولان الكفر لا تفترق احكامه فيمن اسلم منهم انه يقر على نكاحه ويلحقه ولده وعند مالك واصحابه ان اهل الكفر كلهم في الجزية سواء كما هم عند الجميع في مقاتلتهم وسبي ذراريهم في الدنيا وفي الخلود في النار فلا وجه لفرق بين شيء من احكامهم الا ما خصته السنة فيسلم لها كما خصت الكتابيين في اكل ذبائحهم ونكاح نسائهم ومحال ان يكون جماعة مؤمنون يقتسمون ميراثهم على شريعة الكفر وهو قول بن شهاب وجمهور اهل العلم بالحجاز والعراق وهو قول الليث والشافعي والاوزاعي والثوري وابي حنيفة واصحابه فان اسلم بعض ورثة الميت بعد موته وبعد قسم الميراث او اعتق فلا شيء له من الميراث لانه وجب يوم مات الموروث هذا قول جماعة فقهاء الامصار وجمهور التابعين الا قوما من اهل البصرة ورواية جاءت عن عمر وعثمان من روايتهم اسنادها ليس بالقائم رواها حماد بن زيد عن ايوب عن ابي قلابة عن حسان بن بلال المزني عن يزيد بن قتادة ان انسانا من اهله مات وهو على غير دين الاسلام قال فورثته ابنته دوني وكانت على دينه ثم ان جدي اسلم وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا فتوفي وترك نخلا فاسلمت وخاصمتني في الميراث إلى عثمان بن عفان فحدث عبد الله بن الارقم أن عمر قضى انه من اسلم على ميراث قبل ان يقسم فانه نصيبه فقضى له عثمان فذهبت بالاولى وشاركتني في الاخرة وروى سعيد بن ابي عروبة عن قتادة عن حسان بن بلال عن يزيد بن قتادة العنزي عن عبد الله بن الارقم - كاتب عمر - ان عمر بن الخطاب قال من اسلم على ميراث قبل ان يقسم صار الميراث له باسلامه واجبا وروى يزيد بن زريع عن خالد الحذاء عن ابي قلابة عن يزيد بن قتادة قال توفيت أمنا مسلمة ولي أخوة نصارى فأسلموا قبل ان يقسم الميراث فدخلوا على عثمان فسأل كيف قضى في ذلك عمر فأخبرفأشرك بيننا وبهذا قال الحسن البصري وابو الشعثاء - جابر بن زيد - وقتادة وحميد الطويل واياس بن معاوية وروى وهيب عن يونس عن الحسن قال من أسلم على ميراث قبل ان يقسم فهو أحق به وقال الحسن فان قسم بعض الميراث ثم أسلم ورث ما لم يقسم ولم يرث بما قسم وحجة من قال بهذا أو ذهب إليه حديث هذا الباب المسند والمرسل على ما ذكرناه في أوله وقد روى عبد الوارث عن كثير بن شنظير عن عطاء ان رجلا اسلم على ميراث على عهد رسول الله قبل ان يقسم فأعطاه رسول الله نصيبه منه قال ابو عمر حكم من اعتق قبل القسم عند هؤلاء كحكم من اسلم الا انه اختلف فيه عن الحسن فمرة هو قال بمنزلة من اسلم ومرة قال من اسلم ورث ومن اعتق لم يرث لان الحديث انما جاء ممن ادرك الاسلام وبه قال اياس بن معاوية وروى حماد بن سلمة عن حميد قال كان اياس بن معاوية يقول اما النصراني يسلم فنعم واما العبد يعتق فلا وبه قال حميد وروى أبو زرعة الرازي قال حدثني موسى بن إسماعيل قال حدثني حماد عن حميد عن الحسن قال العبد اذا اعتق على ميراث قبل ان يقسم فهو احق به وهو قول مكحول وبه قال ابو زرعة فيمن اسلم على ميراث قبل ان يقسم انه له وخالفه ابو حاتم الرازي فقال ليس له من الميراث شيء قال ابو عمر قد ذكرنا ان جمهور العلماء على ان الوارث لا يستحق الميراث الا في حين موت المورث وانه حينئذ يجب لمن اوجبه الله تعالى بالدين والنسب والحرية والحياة وان كان حملا في البطن وهو قول جماعة فقهاء الانصار روى يزيد بن زريع عن داود بن ابي هند عن سعيد بن المسيب قال اذا مات الميت يرد الميراث لاهله ويزيد بن زريع عن سعيد عن ابي معشر عن ابراهيم قال من اسلم على ميراث قبل ان يقسم او اعتق على مراث قبل ان يقسم فليس لواحد منهما شيء وجبت الحقوق لاهلها حيث مات وقال شعبة سألت الحكم وحمادا عن رجل اسلم على ميراث فقالا ليس له شيء وذكر عبد الرزاق قال اخبرنا بن جريج عن عطاء وبن أبي ليلى ان مات مسلم وله ولد نصارى ثم اسلموا ولم يقسم ميراثه حتى اسلموا فلا حق لهم وقعت المواريث قبل ان يسلموا قال واخبرنا معمر عن الزهري سمعة يقول اذا وقعت المواريث فمن اسلم على ميراث نفذ فلا شيء له وبه قال مالك والشافعي وابو حنيفة واصحابهم والليث والاوزاعي والثوري وعليه العمل وبالله التوفيق‏.‏

1429- قال مالك فيمن هلك وترك اموالا بالعالية والسافلة ان البعل لا يقسم مع النضح الا ان يرضى اهله بذلك وان البعل يقسم مع العين اذا كان يشبهها وان الاموال اذا كانت بأرض واحدة الذي بينهما متقارب انه يقام كل مال منها ثم يقسم بينهم والمساكن والدور بهذه المنزلة قال ابو عمر اختلف فقهاء الامصار في قسمة الارضين والدور على ما اصف لك فمذهب مالك ما ذكره بن القاسم وغيره عنه انه قال اذا كانت الدور متقاربة والغرض فيها متقاربا قسمت قسما واحدا وان افترقت البقاع واختلفت الاغراض قسمت كل دار على حدة وكذلك الارضون والقرى‏.‏

وقال الشافعي وابو حنيفة واصحابهما تقسم كل دار وكل ضيعة على حدة ولا يقسم بعضها على بعض وحجتهم ان كل بقعة ودار تعتبر بها على نفسها لا تتعلق الشفعة دون غيرها واختلفوا فيما لا ينقسم من الدور الا على ضرر باحد الشريكين او بهما معا فقال مالك ما لا ينتفع بما يقسم منه اجبرا جميعا على البيع اذا احبا القسمة واقتسما الثمن وكذلك الثياب والحيوان وقال ابو حنيفة والشافعي ان اتفقا على قسمة ما لا ينتفعان به من كل شيء يملكانه قسم بينهما فان ابيا من قسمة ما فيه عليهما جميعا ضرر في القسمة لم يجبر على البيع ولا على القسمة ان شاء حبسا وان شاءا باعا وان شاءا قسما ولا يجبران على البيع ولا القسمة ولا في الحيوان ولا في الثياب ولا في شيء لان الله - عز وجل - يقول ‏(‏الا ان تكون تجارة عن تراض منكم‏)‏ ‏[‏النساء 29‏]‏‏.‏

واختلفوا ان انتفع احد منهم بنصيبه من الدار والحانوت وسائر العقار ولم ينتفع الاخر وطلبوا جميعا القسمة فاتفق مالك وابو حنيفة والشافعي انه يقسم بينهم وقال بن القاسم لا يقسم حتى يكون لكل واحد منهما ما ينتفع به‏.‏

وقال مالك وابو حنيفة اذا طلب من ينتفع بنصيبه القسمة قسم وان لم ينتفع الاخر وتقسم العرصة عند مالك وان لم ينتفع بنصيبه واحد منهما اذا طلب واحد منهما القسمة خلاف المنزل قال ولا يقسم الطريق بالاجماع من الشركاء على ذلك‏.‏

وقال مالك في الحمام بين الشركاء انه يقسم قال بن القاسم وارى الحائط يقسم قال‏.‏

وقال مالك لا يقسم الحائط والطريق الا ان يتراضى الورثة على قسمته اما الحمام فهو عرصة كالبيت الصغير وقال الليث ما كان ينقسم فانه يقسم ولا يباع وما كان من دار لا تنقسم والحمام والحانوت فانه يباع ويقسم الثمن الا ان يشتريه بعض الشركاء باغلى ما يوجد من الثمن فيكون اولى قال ابو عمر روى بن الماجشون عن مالك ان الحمام لا يقسم لانه يصير غير حمام وروى بن القاسم واشهب عنه انه يقسم وهو قول اشهب وقال بن القاسم لا يقسم‏.‏

وقال الشافعي اذا كان واحد منهم ينتفع بنصيبه قسمته وان لم ينتفع الباقون بما يصير اليهم - يعني اذا تراضوا على ذلك - فاذا لم يتراضوا بالقسمة لما عليهم فيها من الضرر وطلبها احدهم ممن له في القسمة نفع بنصيبه او لا نفع له لم يجبروا الا ان يكونوا اذا اجتمع الذين لا يريدون القسمة فينتفعوا بنصيبهم فيجمعهم فيبرز للطالب نصيبه قال ابو عمر احتج من راى قسمة العقار كله وان غيرته القسمة عن اسمه وحاله اذا دعا احد الشركاء إلى ذلك بظاهر قول الله عز وجل ‏(‏مما قل منه او كثر نصيبا مفروضا‏)‏ ‏[‏النساء 7‏]‏‏.‏

واحتج من خالفه في ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم ‏(‏لا ضرر ولا ضرار في الاسلام‏)‏ وهو لفظ محتمل للتاويل لا حجة فيه واحسن منه واوضح ما رواه بن جريج عن صديق بن موسى بن عبد الله بن الزبير عن محمد بن ابي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن ابيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏لا تعضيه على اهل المواريث الا ما حمل القسم‏)‏ والتعضية التفرقة في اللغة يقول لا قسمة بينهم الا فيما احتمل القسم والله اعلم واما اختلاف اصحاب مالك في قسمة الارض البعل منها والسقي فذكر بن عبدوس عن سحنون في قول مالك في موطئه لا يقسم النضح مع البعل الا ان يرضى أهله بذلك قال سحنون فحمل هذه اللفظة على ان الشركاء تراضوا بذلك واما بالسهم فلا ينبغي قال بن عبدوس واصحاب مالك على ذلك الا اشهب فانه يقول يجمع لمن اراد الجمع ويفرق لمن اراد التفرقة وهو خلاف لقول مالك حيث يقول لا يجمع بين رجلين في القسم قال بن عبدوس ومعنى قول اشهب انه يجعل سهم الذين ارادوا الجمع بينهما واحدا وسهم الذين ارادوا التفرقة بينهما خلاف وهو خلاف جميع اصحاب مالك وذكر سحنون عن بن القاسم قال اذا كانت المواضع مختلفة وكانت قريبة قسمت كل ارض على حدتها وان كانت المواضع قريبا بعضها من بعض وكانت في الكرم سواء جمع في القسم قال سحنون لا نعرف هذا والذي نعرفه من قول مالك ان الارض اذا تقاربت مواضعها وكانت في نمط واحد قسمت قسما واحدا وان اختلفت في القيمة وقال اشهب اذا تقاربت المواضع قسمت قسما واحدا وان اختلفت في الكرم قال ابو عمر اختلافهم في قسمة الاموال على اختلاف اصنافها كثير جدا وقد ذكرنا ذلك في كتاب القسمة من ديوان اختلافهم والحمد لله كثيرا‏.‏

باب القضاء في الضواري والحريسة

قال ابو عمر الضواري ما ضر في الاذى والحريسة المحروسة من المواشي في المرعى‏.‏

1430- مالك عن بن شهاب عن حرام بن سعد بن محيصة ان ناقة البراء بن عازب دخلت حائط رجل فافسدت فيه فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان على اهل الحوائط حفظها بالنهار وان ما افسدت المواشي بالليل ضامن على اهلها قال ابو عمر ضامن هنا بمعنى مضمون هكذا روى هذا الحديث جماعة رواة ‏(‏الموطا‏)‏ فيما رووا مرسلا واختلف اصحاب بن شهاب عن بن شهاب فيه فرواه الاوزاعي وصالح بن كيسان ومحمد بن إسحاق كما رواه مالك وكذلك رواه بن عيينة الا انه جعل مع حرام بن سعد بن محيصة سعيد بن المسيب جميعا في هذا الحديث ورواه معمر عن الزهري عن حرام بن محيصة عن ابيه ولم يقل فيه عن ابيه غير معمر قال محمد بن يحيى لم يتابع عليه معمر وقال ابو داود لم يتابع عليه عبد الرزاق عن معمر قال ابو عمر وقال فيه بن أبي ذئب عن بن شهاب انه بلغه ان ناقة للبراء بن عازب دخلت حائط قوم فافسدت فيه وذكر مثل حديث مالك سواء الا انه لم يذكر حرام بن سعد بن محيصة ولا غيره ورواه بن جريج عن بن شهاب قال حدثني ابو امامة بن سهل بن حنيف ان ناقة دخلت في حائط قوم فافسدت فيه فذهب اهل الحائط إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم ‏(‏على اهل الاموال حفظ اموالهم نهارا‏)‏ فجعل الحديث لابن شهاب عن ابي امامة بن سهل ولم يذكر ان الناقة كانت للبراء وجائز ان يكون الحديث عند بن شهاب عن بن محيصة وعن سعيد بن المسيب وعن ابي امامة والله اعلم فحدث به من شاء منهم على ما حضره وكلهم ثقات اثبات وعلى أي حال كان فالحديث من مراسيل الثقات لان جميعهم ثقة وهو حديث تلقاه اهل الحجاز وطائفة من اهل العراق بالقبول والعمل وهو موافق لما نصه الله - عز وجل - في كتابه عن ‏(‏داود وسليمان اذ يحكمان في الحرث‏)‏ الانبياء 78 وامر نبيه صلى الله عليه وسلم ان يقتدي بهما فيمن امره بالاقتداء بهم من انبيائه بقوله تبارك اسمه ‏(‏اولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتدة‏)‏ الانعام 90 وقال تبارك وتعالى ‏(‏ودود وسليمان اذ يحكمان في الحرث اذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا اتينا حكما وعلما‏)‏ الانبياء 78 79 ولا خلاف بين اهل العلم بتاويل القران ولغة اهل العرب ان النفش لا يكون الا بالليل وذكر عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال النفش بالليل والهمل بالنهار قال واخبرنا معمر عن قتادة عن الشعبي ان شاة وقعت في غزل حائك واختصموا إلى شريح فقال الشعبي انظروا فانه سيسالهم اليلا وقعت فيه ام نهارا ففعل ثم قال ان كان بالليل ضمن وان كان بالنهار لم يضمن ثم قرا شريح ‏(‏اذ نفشت فيه غنم القوم‏)‏ الانبياء 78 وقال النفش بالليل والهمل بالنهار قال وقال معمر وبن جريج بلغنا ان حرثهم كان عنبا واختلف الفقهاء في هذا المعنى على اربعة اقوال احدها كل دابة مرسلة فصاحبها ضامن والثاني لا ضمان فيما اصاب المنفلتة من الدواب والمواشي والثالث ما اصابت بالليل فهو مضمون وما اصابت بالنهار فغير مضمون والرابع الفرق بين الاموال والدماء فاما اقوال الفقهاء في هذا الباب فذكر بن عبد الحكم قال قال مالك ما افسدت المواشي والدواب من الزرع والحوائط بالليل فضمان ذلك على اهلها وما كان بالنهار فلا شيء على اصحاب الدواب ويقوم الزرع على الذي افسدت بالليل على الرجاء والخوف قال والحوائط التي تحرث والتي لا تحرث سواء والمخطر عليه وغير المخطر سواء يغرم اهلها ما اصابت بالليل بالغا ما بلغت وان كان اكثر من قيمتها قال مالك واذا انفلتت دابة بالليل فوطئت على رجل قائم لم يغرم صاحبها شيئا وانما هذا في الحوائط والزرع والحرث قال مالك واذا تقدم إلى صاحب الكلب الضاري او البعير او الدابة بما افسدت ليلا او نهارا فعليهم غرمه قال ابو عمر لا خلاف عن مالك واصحابه في ذلك على ما ذكره بن عبد الحكم في كتابه وهو قول الشافعي واصحابه الا فيما ذكر من التقدم إلى صاحب الدابة الضارية او الكلب الضاري والبعير الصؤول فإن التقدم في ذلك سواء عنده وانما يضمن عندهم في الدواب والمواشي ما افسدت في الحائط والزرع والاعتاب والثمار بالليل دون النهار وستأتي مسألة الجمل الصؤول والكلب العقور في موضعها ان شاء الله عز وجل وانما وجب - والله اعلم - الضمان على ارباب المواشي فيما افسدت من الزرع وشبهه بالليل دون النهار لان الليل وقت رجوع الماشية إلى مواضع مبيتها من دور اصحابها ورحالهم ليحفظوها ويمسكوها عن الخروج إلى حرث الناس وحوائطهم لانها لا يمكن اربابها حفظها بالليل لانه وقت سكون وراحة لهم مع علمهم ان المواشي قد اواها اربابها إلى اماكن قرارها ومبيتها واما النهار فيمكن فيه حفظ الحوائط وحرزها وتعاهدها ودفع المواشي عنها ولا غنى لاصحاب المواشي عن مشيها لترعى فهو عيشها فألزم أهل الحوائط حفظها نهارا لذلك والله أعلم وألزم أرباب الماشية ضمان ما أفسدت ليلا لتفريطهم في ضبطها وحبسها عن الانتشار بالليل ولما كان على أرباب الحوائط حفظ حوائطهم في النار فلم يفعلوا كانت المصيبة منهم لتفريطهم أيضا وتضييعهم ما كان يلزمهم من حراسة أموالهم وهذا عندي -والله أعلم- اذا أطلقت الدواب والمواشي دون راع يرعاها‏.‏

وأما اذا كانت ترعى ومعها صاحبها فلم يمنعها من زرع غيره وهو قادر على منعها فهو المسلط لها وهو حينئذ كالسائق والراكب والقائد وسيأتي ذكر اختلاف الناس في ذلك عند قوله صلى الله عليه وسلم ‏(‏العجماء جرحها جبار‏)‏ - ان شاء الله عز وجل وقال الليث بن سعد يضمن رب الماشية ما افسدت بالليل والنهار ولا يضمن اكثر من قيمة الماشية قال ابو عمر لم يفرق الليث بين الليل والنهار في هذا المعنى ولم يتجاوز بالضمان قيمة الماشية واظنه قاسة على العبد الجاني الا يفتكه سيده بأكثر من قيمته وان جنايته في الليل والنهار سواء فخالف الحديث في ‏(‏العجماء جرحها جبار‏)‏ وخالف حديث ناقة البراء وقد تقدمه إلى ذلك طائفة من العلماء منهم عطاء قال بن جريج قلت لعطاء الحرث تصيبه الماشية ليلا او نهارا قال يضمن صاحبها ويغرم قلت كان عليه حظر او لم يكن قال نعم قلت ما يغرم قال يغرم قيمة ما اكل حماره ودابته وماشيته وقال معمر عن بن شبرمة يقوم الزرع على حاله التي اصيب عليها دراهم وذكر ابو بكر قال حدثني حفص عن حجاج عن القاسم بن نافع قال قال عمر ما اصاب المنفلت فلا ضمان على صاحبه ومن اصاب المنفلت ضمن وقال حدثني عبد السلام عن عمرو بن الحسن عن بن سيرين - في الدابة المرسلة تصيب مالا ليس عليه ضمان - قال‏.‏

وحدثني ابو خالد عن أشعث عن الشعبي قال كل مرسلة فصاحبها ضامن وروي عن عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز تضمين رب الماشية ليلا ونهارا من طرق لا تصح وروي عنهما في البعير الضاري الجمل والحمار والبقرة الضاريه انه يعهد إلى ربها ثلاثا ثم يعقرن وكانا يأمران كل من له حائط ان يحظره حظارا من النصارى يكون إلى نحر البعير فان تسور رد إلى اهله ثلاث مرات ثم عقر قال ابو عمر الصواب في هذا الباب - والله اعلم - ان يضمن رب الماشية ما افسدت ليلا بالغا ما بلغت الجناية لان الظاهر من حديث ناقة البراء الضمان مطلقا غير مقيد بقيمة الناقة وغيرها وان حكم الليل في ذلك بخلاف حكم النهار وكان يحيى بن يحيى يفتي بقول الليث في ذلك يحمل الناس عليه وقضى به اكثر القضاة عندنا بعده واعتل عندهم بأن مالكا يذهب إلى ذلك في الدابة الضارية المعتادة الانطلاق عى زرع الناس واختلف قول الثوري في هذه المسألة فروى بن المبارك عنه انه لا ضمان على اصحاب الماشية بالليل ولا بالنهار وهو قول ابي حنيفة واصحابه قالوا لا ضمان على ارباب البهائم فيما تفسده او تجني عليه لا في الليل ولا في النهار الا ان يكون راكبا او سائقا او قائدا وحجتهم في ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏العجماء جرحها جبار‏)‏ وقالوا هذا حكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلاف ما شرع لداود وسليمان قال الله عز وجل ‏(‏لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا‏)‏ ‏[‏المائدة 48‏]‏‏.‏

وروى الواقدي عن الثوري في شاة وقعت في غزل حائك بالنهار انه يضمن فقال الطحاوي تصحيح الروايتين عنه انه اذا ارسلها محفوظة لم يضمن بالليل ولا بالنهار واذا ارسلها سائبة ضمن قال ابو عمر اذا كان على اهل الحوائط حفظها بالنهار فقد فعل ارباب المواشي اذا سيبوها ما ابيح لهم فلا ضمان عليهم على ظاهر حديث ناقة البراء والله اعلم‏.‏

1431- مالك عن هشام بن عروة عن ابيه عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ان رقيقا لحاطب سرقوا ناقة لرجل من مزينة فانتحروها فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب فأمر عمر كثير بن الصلت ان يقطع ايديهم ثم قال عمر أراك تجيعهم ثم قال عمر والله لاغرمنك غرما يشق عليك ثم قال للمزني كم ثمن ناقتك فقال المزني قد كنت والله امنعها من اربعمائة درهم فقال عمر اعطه ثمانمائة درهم قال يحيى سمعت مالكا يقول وليس على هذا العمل عندنا في تضعيف القيمة ولكن مضى امر الناس عندنا على انه انما يغرم الرجل قيمة البعير او الدابة يوم يأخذها قال ابو عمر ادخل مالك هذا الحديث في كتابه ‏(‏الموطأ‏)‏ وهو حديث لم يتوطأ عليه ولا قال به احد من الفقهاء ولا ارى والعمل به انما تركوه - والله اعلم - لظاهر القران والسنة المجتمع عليها فأما القران فقول الله تعالى ‏(‏فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم‏)‏ ‏[‏البقرة 194‏]‏‏.‏

ولم يقل بمثلي ما اعتدى عليكم وكذلك قوله تعالى ‏(‏وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به‏)‏ ‏[‏النحل 126‏]‏‏.‏

واما السنة فان رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى على الذي اعتق شقصا له في عبد بقيمة حصة شريكه بالعدل لما ادخل عليه من النقص وضمن الصحفة التي كسرها بعض اهله بصحفة مثلها وقال ‏(‏صحفة مثل صحفة‏)‏ واجمع العلماء على انه لا يغرم من استهلك شيئا الا مثله او قيمته واجمعوا انه لا يعطى احد بدعواه وان البينة عليه فيما يدعيه اذا لم يقر له به المدعي عليه وقال صلى الله عليه وسلم ‏(‏لو اعطي قوم بدعواهم لادعى قوم دماء قوم واموالهم ولكن البينة على المدعي وفي هذا الحديث تصديق المزني فيما ذكره من ثمن ناقته وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ما لو صح كان اصلا لفظ عمر في تضعيف القيمة في ناقة المزني وهو حديث عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حريسة الجبل ‏(‏غرامة مثليها وجلدات نكال ولا قطع‏)‏ وهذا عند العلماء الذين يصححون هذا الحديث منسوخ بما يتلون من كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المجتمع عليها وقد كان عثمان يزيد في الشهر الحرام ثلث الجناية في المال وتابعة بن شهاب وغيره ذكره عبد الرزاق عن معمر وبن جريج عن الزهري عن ابان بن عثمان ان عثمان اغرم في ناقة محر م اهلكها رجل فأغرمه الثلث زيادة على ثمنها قال واخبرنا معمر عن الزهري قال ما اصيبت من مواشي الناس واموالهم في الشهر الحرام فانه يزاد فيه الثلث وروى بن وهب هذا الحديث عن ابي الزناد عن ابيه عن عروة بن الزبير عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن ابيه وساقة بنحو سياقة مالك في معنى الغرم وتصديق المزني في ثمن ناقته وتضعيف القيمة له وقد جوده من قال فيه عن ابيه فان يحيى بن عبد الرحمن لم يلق عمر ولا سمع منه وابوه عبد الرحمن سمع من عمر وروى عنه الا انه قال فيه ان هذه القصة كانت بعد موت حاطب وهذا غلط عند اهل السير لان حاطبا مات في سنة ثلاثين في خلافة عثمان والحديث ذكره بن وهب في موطئه قال واخبرني عبد الرحمن بن ابي الزناد عن ابيه عن عروة بن الزبير عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن ابيه قال توفي حاطب وترك عبيدا يعملون في ماله فأرسل عمر إليه ذات يوم ظهرا وهم عنده فقال هؤلاء اعبدك سرقوا ووجب عليهم ما وجب على السارق انتحروا ناقة لرجل من مزينة واعترفوا بها ومعهم المزني فأمر كثير بن الصلت ان يقطع ايديهم ثم ارسل وراى ما يأتي به بعد ما ذهب به كثير بن الصلت فجاء بهم فقال لعبد الرحمن بن حاطب اما والله لولا اظن انكم تستعملونهم وتبيعونهم حتى لو ان احدكم وجد ما حرم الله عليه فأكله حل له لقطعت ايديهم ولكن - والله - اذ تركتهم لاغرمنك غرما يوجعك كم ثمنها للمزني قال المزني كنت - والله امنعها من أربع مئة درهم قال فأعطه ثماني مائة درهم قال بن وهب قال مالك ليس الامر عندنا على هذا ولكن له قيمتها قال بن وهب‏.‏

وحدثني مالك بن انس والليث بن سعد وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن هشام بن عروة عن ابيه عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن ابيه مثله بمعناه قال ابو عمر هكذا قال بن وهب في هذا الحديث ايضا عن مالك ومن ذكر معه عن هشام بن عروة عن ابيه عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن ابيه وليس في ‏(‏الموطأ‏)‏ ‏(‏عن ابيه‏)‏ عند جمهور الرواة له عن مالك واظن بن وهب وهم فيه عن مالك لرواية الليث وغيره له كذلك اذ جمعهم في حديث واحد وكان عنده ايضا فيه عن بن ابي الزناد باسناده كذلك عن ابيه فأجرى مالكا مجراهم في ذلك فوهم والله اعلم ولعله ان يكون مالكا ذاكرا بما رواه غيره فمال إلى ذكره لانه كذلك رواه عنه في موطئه دون سائر الرواة قال ابو عمر اجمع العلماء على ان اقرار العبد على سيده في ماله لا يلزمه وفي هذا الحديث ان عمر اغرم عبد الرحمن بن حاطب ما اعترف به عبيده وهذا خبر تدفعه الاصول من كل وجه وبالله التوفيق‏.‏